king DR
عدد المساهمات : 340 تاريخ التسجيل : 18/06/2008
| موضوع: مجال تطبيق القانون 2010-03-22, 15:57 | |
| مـجال تطبيـق القانـون إن القوانين بعد إصدارها ونشرها تصبح نافذة سارية المفعول بحيث يمكن تطبيقها على الأشخاص والوقائع التي تتوافر فيها الشروط الواردة في نصوص التشريع . غير أن تطبيق هذه القوانين قد يطرح مشكلة تنازع القوانين ، وهو تواجد قاعدتين تشريعيتين ، أو أكثر ، صادرة عن سلطات مختلفة ، أو عن نفس السلطة ، وذلك لتطبيقها على نفس الواقعة القانونية . وفي حالة ما إذا القواعد القانونية صادرة عن سلطات مختلفة ، أي عن سيادات مختلفة ،(دول أجنبية ) فنحن بصدد تنازع القوانين من حيث المكان ويتعلق الأمر بتواجد أجانب في دولة غير دولتهم ( قانون دولي خاص ) وأما إذا كانت القواعد القانونية صادرة عن نفس السلطة ( التشريعية ) ، فنحن أمام تنازع القوانين من حيث الزمان الذي هو يحدث عند تواجد قانون قديم وقانون جديد كل واحد منهما يحكم نفس الواقعة القانونية . ولهذا يجب التطرق إلى حلول هذه المشكلات وهذا من خلال دراسة نطاق تطبيق القانون من حيث المكان ثم من حيث الزمان . المبحث الأول : نطاق تطبيق القانون من حيث المكان . تطبيق القانون من حيث مكان تحكمه قاعدتان أساسيتان وهما قاعدة إقليمية القوانين وقاعدة شخصية القوانين ، ويطلق عليهما مبدأ الإقليمية ومبدأ الشخصية في تطبيق القانون . المطلب الأول : قاعدة إقليمية القوانين . تعني هذه القاعدة أن التشريع بإعتباره مظهرا أساسيا لسيادة الدولة ، فهو يكون واجب التطبيق على إقليمها ولا يتعداه لأي إقليم آخر. فيطبق على المواطنين والأجانب داخل التراب الوطني فقط . ومن هذا نستنتج أن هذه القاعدة تقوم على محورين : الأول : أن تشريعات الدولة تطبق داخل حدود إقليمها على من يقيمون فيه من وطنيين وأجانب. الثاني : أن تشريعات الدولة لا تطبق داخل حدود دولة أخرى على مواطنيها لأنهم يخضعون لتشريع تلك الدولة . * حالات تطبيق قاعدة إقليمية القوانين . ـ لوائح الأمن والشرطة ( مثل : قوانين المرور ، والصحة وغيرها). ـ قوانين الإجراءات المدنية والجزائية . ـ القوانين العامة كالقانون الجنائي والقانون المالي ( المادة 3 من قانون العقوبات...). ـ القواعد التي تتعلق بالعقارات والمنقولات والحقوق التي تترتب عليها . ـ القواعد المتعلقة بالنظام العام والأدب العام . ـ الالتزامات غير التعاقدية كالجريمة وشبه الجريمة . المطلب الثاني : قاعدة شخصية القوانين . نظرا لتطور وسائل الانتقال ورفع الحواجز بين الدول وزيادة حركة التجارة والعمل والتعليم فيما بين الدول نجد في كل يوم تنقل آلاف الأشخاص من كل دولة إلى دول أخرى وأصبحت قاعدة الإقليمية جامدة لا تساير التطور العالمي في العصر الحاضر ، وظهرت فكرة شخصية القوانين على أساس أن أهم عناصر الدولة هو الشعب، وأن التشريعات يقصد بها أفراد الشعب وتطبيقها عليهم سواء كانوا في إقليمهم أو حتى في إقليم دولة أخرى ، وتبلورت هذه الفكرة في قاعدة شخصية القوانين ، وتقوم هذه القاعدة على محورين : الأول : أن تطبيق تشريعات الدولة على جميع مواطنيها المقيمين على إقليمها أو على إقليم دولة أخرى . الثاني : أن الأجانب المقيمين في غير دولتهم يخضعون لتشريعاتهم الوطنية . ولاشك أن هذه القاعدة تبدو مقبولة وخصوصا فيما يتعلق بقوانين الأحوال الشخصية كالزواج والطلاق والنسب والنفقة وغير ذلك لأنها أنسب للشخص من قوانين أية دولة أخرى . * حالات تطبيق قاعدة شخصية القوانين . لقد جسد المشرع هذه القاعدة في المواد 98 إلى 24 من القانون المدني والمواد 3 و589 من قانون الإجراءات الجزائية . وتطبيقا لقاعدة شخصية القوانين يسري قانون الدولة على مواطنيها داخل وخارج إقليمها في الأمور التالية : ـ قواعد صحة الزواج وتعدد الزوجات ، والمهر. ـ الطلاق والنفقة . ـ آثار الزواج فيما يتعلق بالحقوق المالية وغيرها . ـ قواعد الحالة المدنية للأشخاص ، وقواعد أهلية . ـ الميراث والوصية والهبة . ـ مسائل الولاية والوصاية والحجز .المطلب الثالث : الجمع بين القاعدتين . مما سبق نتبين أن القاعدة الإقليمية والشخصية في تطبيق القوانين لكل منهما مزاياها ومجال تطبيقها . فقاعدة إقليمية القوانين تتجسد فيها سلطة الدولة على ترابها الوطني ، وقاعدة شخصية القوانين تتجسد فيها سلطة الدولة على مواطنيها واحترام حقوقهم الشخصية بالقدر الذي تسمح به قواعد القانون الدولي الخاص لكل دولة . ولكن في قواعد القوانين الجزائية نرى أن المشرع قد يجمع بين القاعدتين في وقت واحد ، فينص على تجريم المؤامرات على أمن الدولة سواء وقعت الجريمة على أرض الوطن أو خارجه وسواء كان المجرمون من المواطنين أم من الأجانب ، ومقيمين على أرض الوطن أم في دولة أخرى ( المادة588 من قانون الإجراءات الجزائية ) وأحيانا ينص المشرع على عقاب المواطنين عند عودتهم للوطن على جرائم ارتكبوها في الخارج ( المادة 582 و583 من القانون الإجراءات الجزائية). ملاحظة : خاصة بالجنايات والجنح التي ترتكب على ظهر المراكب أو متن الطائرات (المادة 590 و591 من القانون الإجراءات الجزائية).المبحث الثاني : نطاق تطبيق القانون من حيث الزمان . الأصل العام في تطبيق القانون من حيث الزمان هو أن القانون يكون دائما واجب التطبيق من اليوم التالي لنشره بالجريدة الرسمية أو من التاريخ الذي يحدد نفس القانون لسريان أحكامه، وأن القانون لا يسري أحكامه إلا على الحالات التي تتم في ظله أي بعد إصداره ، وأنه لا يسري على ما وقع من الحالات قبل صدوره . وهذا الأصل العام ينطوي على مبدأين أساسيين يكملان بعضهما ، وهما : مبدأ الأثر الفوري ( المباشر) للقوانين ، ومبدأ عدم رجعية القوانين . المطلب الأول : مبدأ الأثر الفوري للقوانين . تنص المادة 2 من القانون المدني على ما يلي : " لا يسري القانون إلى على ما يقع في المستقبل ولا يكون له أثر رجعي . ولا يجوز إلغاء القانون إلا بقانون لاحق ينص صراحة على هذا الإلغاء."" وقد يكون الإلغاء ضمنيا إذا تضمن القانون الجديد نصا يتعارض مع نص القانون القديم أو نظم من جديد موضوعا سبق أن قرر قواعده ذلك القانون القديم ." كما تنص المادة 2 من قانون العقوبات على أن : " لا يسري قانون العقوبات على الماضي إلا ما كان منه أقل شدة ". يعني مبدأ الأثر الفوري للقانون أن كل تشريع جديد يطبق فورا منذ تاريخ سريانه أي وقت نفاذه، فيحدث آثاره مباشرة على كل الوقائع والأشخاص المخاطبين به على الحالات التي وقعت عقب نفاذه بصفة فورية ومباشرة . فالقانون الجديد يصدر ويطبق على المستقبل ، لاعلى الماضي ، ويستخلص من ذلك أن القانون القديم يحكم الحالات التي تمت في ظله ، فلا يطبق عليها القانون الجديد . مثلا : لو فرضنا أن قانون المالية لسنة 1998 يفرض ضريبة على شراء السيارات ، فيكون مشتري السيارة ملزم بأداء تلك الضريبة من أول يوم لسنة 1998 ، ولكن لا يلزم بأداء هذه الضريبة كل الأشخاص الذين اشتروا سيارة في العام الماضي ، وحتى في آخر يوم لسنة 1997. مثلا : لو فرضنا أن قانونا جديدا صدر نافذا اليوم ونص على تجريم فعل لم يكون مجرما من قبل ، فمن البديهي أنه يسري ابتداء من اليوم على كل من يقوم بهذا الفعل المجرم ، وبالتالي لا يمكن متابعة من قاموا بهذا الفعل في الماضي ، وحتى الأمس. المطلب الثاني : مبدأ عدم رجعية القوانين . أولا : المبدأ . يعني هذا المبدأ أن التشريع مادام ينتج أثاره فورا ومباشرة على الأفعال التي يقوم بها الأشخاص من تاريخ صدوره ونافذا ، فلا محل إذا للقول بأنه يمكن تطبيقه بأثر رجعي أي على الوقائع التي تمت قبل إصداره ونفاذه . فالتشريع لا يسري على الماضي فلا يمكن تطبيقه بأي حال على ما وقع قبل صدوره . وكرس هذا المبدأ بالمادة 4 من القانون المدني : " تطبق القوانين في تراب الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ابتداء من يوم نشرها في الجريدة الرسمية ..." .ومبدأ عدم رجعية القوانين مبدأ عام إلا أنه تدخل عليه بعض الإستثناءات . ثانيا : الإستثناءات .أ ـ القوانين الجنائية الأصلح للمتهم . إن قاعدة عدم رجعية القوانين تقررت لحماية الأفراد من تعسف السلطات ، ولكن الحكمة من هذه القاعدة لا تتوافر إذا كان القانون الجديد ينص على إلغاء التجريم ، أو تخفيف العقاب . فيكون من صالح الأفراد المتهمين في جرائم جنائية أن يطبق عليهم القانون الجديد بأثر رجعي مع أن جرائمهم قد ارتكبوها في الماضي في ظل قانون قديم. ويجب أن نلاحظ فرقا واضحا بين هاتين الحالتين عند تطبيق القانون الأصلح للمتهم بأثر رجعي : الحالة الأولى : إذا كان القانون الجديد يبيح الفعل الذي كان مجرما فإنه يطبق بأثر رجعي في جميع مراحل الدعوى العمومية أي أنه لا يمكن متابعة مرتكب الفعل ، إلا إذا صدر في حقه حكم نهائي قبل صدور القانون الجديد . الحالة الثانية : إذا كان القانون الجديد قد خفف من العقوبة فقط ، لكنه لم ينص على إلغاء التجريم ، ففي هذه الحالة يطبق القانون الجديد إذا كان المتهم لم يصدر ضده حكم نهائي حيث يمكن له أن يعارض في ذلك الحكم ، ويستأنفه أو يطعن فيه بالنقض ويطلب تطبيق القانون الجديد الذي هو الأصلح له . ومعنى ذلك أن القانون الجديد الأصلح للمتهم لا يمتد أثره إلى الأحكام الجنائية التي أصبحت نهائية بقوة القانون . ب ـ النص الصريح على سريان التشريع على الماضي . يجوز للمشرع أن ينص في تشريع مدني خاص وجديد على سريانه على الماضي ، أي تطبيقه بأثر رجعي، وذلك راجع إلى أن مبدأ عدم رجعية القوانين يقيد القاضي فقط ولكنه لا يقيد المشرع ، بغرض تحقيق مصلحة اجتماعية عامة أو فيما يخص النظام العام . ومثال ذلك أن يصدر المشرع قانونا جديدا ينص على أن التقادم المكسب للملكية مدته عشرين (20) سنة على أن يسري ذلك على الماضي . فلو فرضنا أن تلك المدة كانت في القانون القديم عشرة (10) سنوات واكتسب بعض الأشخاص ملكيتهم في ظل القانون القديم منذ خمس (05) سنوات فإن القانون الجديد يطبق عليهم ولا يكتسبون الملكية إلا بمرور عشرين (20) عاما . ج ـ إذا كان القانون الجديد قانونا تفسيريا . إذا صدر تشريعا لتفسير فقط بعض العبارات أو النصوص في القانون القديم فإن ذلك التشريع الجديد يسري بأثر رجعي يمتد لتاريخ صدور القانون القديم ، وذلك لأن التشريع التفسيري ليس إلا موضحا للنصوص القديم فهو مكمل لها وكأنه جزء منها . د ـ ملاحظة خاصة بالمراكز القانونية وآثارها ( الحق المكتسب والأمل). تثور مشكلة تحقق المراكز القانونية في بعض العقود في ظل القانون القديم ، وتحقق آثارها في ظل قانون جديد . ومثل ذلك أن يوصي شخص لأخر بنصف تركته في ظل قانون يبيح ذلك ، وبعد إجراء العقد يصدر قانون جديد ينص على أن الإيضاء غير جائز إلا في حدود ثلث التركة ، فأي القانونين يطبق عند وفاة الموصي ؟ . بما أن العقد تم في ظل القانون القديم فهو صحيح ، ولكن أثر ذلك العقد ( حصول الموصي له على نصف التركة) لا تتحقق إلا بوفاة الموصي ، وهنا نفرق بين حالتين . الحالة الأولى : إذا حدثت الوفاة قبل صدور القانون الجديد فإن المركز القانوني للموصي له وآثاره قد تحققت جميعها في ظل القانون القديم ولا يجوز تطبيق القانون الجديد بأثر رجعي في تلك الحالة . الحالة الثانية : إذا حدثت الوفاة بعد صدور القانون الجديد فهو الذي يكون واجب التطبيق ولا يحصل الموصي فيه إلا على ثلث التركة . وليس هذا تطبيقا للقانون بأثر رجعي ، ولكنه تطبيق فوري ومباشر للقانون الجديد على آثار العقد الذي تمت في ظله بعد صدوره . وقد كان الفقهاء يعبرون عن هذه الحالة بفكرة "الحق المكتسب " و "الأمل" . فإذا كان العقد قد تم في ظل القانون القديم والوفاة حدثت في ظل القانون الجديد ، فإن العقد ليس حقا مكتسبا ولكنه مجرد أمل لدى الموصي له ، وهذا الأمل يخضع ، بإعتباره أثرا للعقد للقانون الذي لم يتحقق إلا في ظله | |
|